حب النبي صلى الله عليه وسلم...
النبي الله عليه وسلم...
الحديث عن حب النبي صلى الله عليه وسلم حديث تتيه فيه الحروف، وتضيع فيه الكلمات، ويعجز القلم عن الكتابة فيه؛ لأنه حديث ذو شجون وشؤون، حديث لا تمل منه الأسماع، ولا تسئمه النفوس. ولا أريد أن أطيل عليكم بمقدمتي هذه، فالمقام يضيق، والمجال لا يتسع، ولكن أترككم لتعيشوا مع مشهد يفيض حبًا، إنه مشهد عبد الله بن زيد الأنصاري، هذا الرجل الذي جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ إِنَّكَ لأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَإِنَّكَ لأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَإِنِّي لأَكُونُ فِي الْبَيْتِ فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ؛ حَتَّى آتِيَكَ فَأَنْظُرَ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعَتْ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لا أَرَاكَ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِهَذِهِ الآيَةِ: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ }. [رواه الطبراني معجمه الصغير ج1/54. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "وهكذا رواه الحافظ أبو عبدالله المقدسي في كتابه: "صفة الجنة"، من طريق الطبراني، عن أحمد بن عمرو بن مسلم الخلال، عن عبدالله بن عمران العابدي، به. ثم قال: لا أرى بإسناده بأسا والله أعلم"، ج2/354].وجاء في رواية أخرى أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إذا مت ومتنا، كنت في عليين لا نراك ولا نجتمع بك، وذكر حزنه على ذلك، فنزلت تلك الآية التي تبشره، وتبشر كل مؤمن محب لله ولرسوله الله صلى الله عليه وسلم. [المرجع السابق].لا شك أن هذا مشهد لطيف وجميل يكشف لنا عن حقيقة المحبة المكنونة في قلب هذا الرجل تجاه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث جعله أحب إليه من كل شيء في هذه الدنيا، بل وصل به الحال إلى عدم الراحة والسكينة والطمأنينة حين يكون بعيدًا عنه، فلا تقر عينه، ولا تسكن نفسه، إلا بمجالسته والنظر إليه عليه الصلاة والسلام. وكما تعلمون أن هذه الدنيا ليست بدار قرار ولا مستقر؛ لأن الدار الآخرة هي دار القرار والمستقر، والناس فيها متفاوتون، فلما كانت هذه هي الحقيقة هاج من قلب ذلك الرجل ما هاج، وكان منه ما كان، حيث خشي من عدم مرافقة حبيبه صلى الله عليه وسلم في الجنة!كيف لا يحدث هذا في قلبه؟! وهو الذي عاش مع النبي صلى الله عليه وسلم، واكتحلت عيناه بالنظر إليه، كيف لا يكون ما يكون؟ وقد رأى من حسن معشره، وطيب حديثه الذي لا تمله الأسماع، بل كفى المرء إحساسًا: أن يشعر أن ببعثته خرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهداية، ومن جور الكفر إلى عدل الإسلام، فلا شك أن هذا كاف في تهيج قلب كل مسلم تجاه نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنهم حقًا ما أصيبوا بمصيبة أعظم من مصيبة موته عليه الصلاة والسلام؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أُصِيبَ أَحَدُكُمْ بِمُصِيبَةٍ، فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي، فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ عِنْدَهُ). [رواه الطبراني في معجمه الكبير ج6/299].أيها الأحبة: كثيرًا ما كنت أسأل نفسي، ما الفرق بين محبة الصحابة لنبيهم صلى الله عليه وسلم، وبين محبتنا نحن؟لا شك أن الفرق واضح وضوح الشمس، إنها المعايشة والمخالطة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما نحن فعهدنا به بعيد، والسؤال: كيف نحرك مشاعرنا وعواطفنا لتمتلئ بحب النبي صلى الله عليه وسلم؟أولا: مطالعة سيرته وسيرة أصحابه رضي الله عنهم بتذوق واستشعار، وخذوا مثلا: الإمام خالد بن معدان ابن أبي كرب، شيخ أهل الشام، تقول عنه عبدة بنت خالد: قلما كان خالد يأوي إلى فراشه إلا وهو يذكر شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار، ثم يسميهم ويقول: هم أصلي وفصلي، وإليهم يحن قلبي، طال شوقي إليهم، فعجل رب قبضي إليك، حتى يغلبه النوم وهو في بعض ذلك. [سير أعلام النبلاء ج4/539].ثانيا: متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم والحرص عليها، فالمحبة الصادقة لها حرارة متوقدة في قلب المحب تدفعه إلى الإقتداء بحبيبه صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وتجعله يمتثل أوامره من أقوال وأفعال، فمحبة لا يتبعها عمل ليست بمحبة صادقة، ولا تنفع صاحبها كما قال القاضي عياض رحمه الله: "اعلم أن من أحبَّ شيئًا آثَره، وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقًا في حبه، وكان مدعيًا، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه؛ وأوَّلُها: الاقتداءُ به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ". [الشفا في تعريف حقوق المصطفى ج2/56، والآية من آل عمران 31].بل لو كانت المحبة وحدها تكفي لما قال الله تعالى للصحابة الذين ذابوا حبًا في النبي صلى الله عليه وسلم ولمن بعدهم: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء 69]، فدلت على أن من أطاع الله ورسوله، وعمل بما أمرا به، وانتهى عما نهيا عنه، فإنه يكون قد أصاب حقيقة المحبة، ويسكنه الباري بعد ذلك برحمته في جناته جنات النعيم مع الأنبياء، والصديقين، والشهداء، وعامة المؤمنين المخلصين في بواطنهم وظواهرهم، فما أحسنها من رفقه، وما أعظمها من نعمة.ثالثا: الإكثار من الصلاة والسلام عليه مع الاستشعار والتفكر، وخاصة يوم الجمعة، قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب 56].وما ألطف وأجمل ما قاله الحافظ ابن كثير في معنى الآية: "والمقصود من هذه الآية: أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا". [تفسير ابن كثير ج6/457]وإن كان من ختام لهذا المقال، فأجمل ما أختم به، حديث النبي الله عليه وسلم القائل فيه: (مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ). [رواه مسلم].فأسأل الله الكريم سبحانه أن يطفأ ظمأ شوقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشربة من يده الشريفة لا نظمأ بعدها أبدا، اللهم بلغنا شفاعته، واحشرنا معه برحمتك يا أرحم الراحمين. كتبهأبوالحسن محمد كركدان
النبي الله عليه وسلم...
الحديث عن حب النبي صلى الله عليه وسلم حديث تتيه فيه الحروف، وتضيع فيه الكلمات، ويعجز القلم عن الكتابة فيه؛ لأنه حديث ذو شجون وشؤون، حديث لا تمل منه الأسماع، ولا تسئمه النفوس. ولا أريد أن أطيل عليكم بمقدمتي هذه، فالمقام يضيق، والمجال لا يتسع، ولكن أترككم لتعيشوا مع مشهد يفيض حبًا، إنه مشهد عبد الله بن زيد الأنصاري، هذا الرجل الذي جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ إِنَّكَ لأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَإِنَّكَ لأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَإِنِّي لأَكُونُ فِي الْبَيْتِ فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ؛ حَتَّى آتِيَكَ فَأَنْظُرَ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعَتْ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لا أَرَاكَ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِهَذِهِ الآيَةِ: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ }. [رواه الطبراني معجمه الصغير ج1/54. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "وهكذا رواه الحافظ أبو عبدالله المقدسي في كتابه: "صفة الجنة"، من طريق الطبراني، عن أحمد بن عمرو بن مسلم الخلال، عن عبدالله بن عمران العابدي، به. ثم قال: لا أرى بإسناده بأسا والله أعلم"، ج2/354].وجاء في رواية أخرى أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إذا مت ومتنا، كنت في عليين لا نراك ولا نجتمع بك، وذكر حزنه على ذلك، فنزلت تلك الآية التي تبشره، وتبشر كل مؤمن محب لله ولرسوله الله صلى الله عليه وسلم. [المرجع السابق].لا شك أن هذا مشهد لطيف وجميل يكشف لنا عن حقيقة المحبة المكنونة في قلب هذا الرجل تجاه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث جعله أحب إليه من كل شيء في هذه الدنيا، بل وصل به الحال إلى عدم الراحة والسكينة والطمأنينة حين يكون بعيدًا عنه، فلا تقر عينه، ولا تسكن نفسه، إلا بمجالسته والنظر إليه عليه الصلاة والسلام. وكما تعلمون أن هذه الدنيا ليست بدار قرار ولا مستقر؛ لأن الدار الآخرة هي دار القرار والمستقر، والناس فيها متفاوتون، فلما كانت هذه هي الحقيقة هاج من قلب ذلك الرجل ما هاج، وكان منه ما كان، حيث خشي من عدم مرافقة حبيبه صلى الله عليه وسلم في الجنة!كيف لا يحدث هذا في قلبه؟! وهو الذي عاش مع النبي صلى الله عليه وسلم، واكتحلت عيناه بالنظر إليه، كيف لا يكون ما يكون؟ وقد رأى من حسن معشره، وطيب حديثه الذي لا تمله الأسماع، بل كفى المرء إحساسًا: أن يشعر أن ببعثته خرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهداية، ومن جور الكفر إلى عدل الإسلام، فلا شك أن هذا كاف في تهيج قلب كل مسلم تجاه نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنهم حقًا ما أصيبوا بمصيبة أعظم من مصيبة موته عليه الصلاة والسلام؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أُصِيبَ أَحَدُكُمْ بِمُصِيبَةٍ، فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي، فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ عِنْدَهُ). [رواه الطبراني في معجمه الكبير ج6/299].أيها الأحبة: كثيرًا ما كنت أسأل نفسي، ما الفرق بين محبة الصحابة لنبيهم صلى الله عليه وسلم، وبين محبتنا نحن؟لا شك أن الفرق واضح وضوح الشمس، إنها المعايشة والمخالطة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما نحن فعهدنا به بعيد، والسؤال: كيف نحرك مشاعرنا وعواطفنا لتمتلئ بحب النبي صلى الله عليه وسلم؟أولا: مطالعة سيرته وسيرة أصحابه رضي الله عنهم بتذوق واستشعار، وخذوا مثلا: الإمام خالد بن معدان ابن أبي كرب، شيخ أهل الشام، تقول عنه عبدة بنت خالد: قلما كان خالد يأوي إلى فراشه إلا وهو يذكر شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار، ثم يسميهم ويقول: هم أصلي وفصلي، وإليهم يحن قلبي، طال شوقي إليهم، فعجل رب قبضي إليك، حتى يغلبه النوم وهو في بعض ذلك. [سير أعلام النبلاء ج4/539].ثانيا: متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم والحرص عليها، فالمحبة الصادقة لها حرارة متوقدة في قلب المحب تدفعه إلى الإقتداء بحبيبه صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وتجعله يمتثل أوامره من أقوال وأفعال، فمحبة لا يتبعها عمل ليست بمحبة صادقة، ولا تنفع صاحبها كما قال القاضي عياض رحمه الله: "اعلم أن من أحبَّ شيئًا آثَره، وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقًا في حبه، وكان مدعيًا، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه؛ وأوَّلُها: الاقتداءُ به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ". [الشفا في تعريف حقوق المصطفى ج2/56، والآية من آل عمران 31].بل لو كانت المحبة وحدها تكفي لما قال الله تعالى للصحابة الذين ذابوا حبًا في النبي صلى الله عليه وسلم ولمن بعدهم: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء 69]، فدلت على أن من أطاع الله ورسوله، وعمل بما أمرا به، وانتهى عما نهيا عنه، فإنه يكون قد أصاب حقيقة المحبة، ويسكنه الباري بعد ذلك برحمته في جناته جنات النعيم مع الأنبياء، والصديقين، والشهداء، وعامة المؤمنين المخلصين في بواطنهم وظواهرهم، فما أحسنها من رفقه، وما أعظمها من نعمة.ثالثا: الإكثار من الصلاة والسلام عليه مع الاستشعار والتفكر، وخاصة يوم الجمعة، قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب 56].وما ألطف وأجمل ما قاله الحافظ ابن كثير في معنى الآية: "والمقصود من هذه الآية: أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا". [تفسير ابن كثير ج6/457]وإن كان من ختام لهذا المقال، فأجمل ما أختم به، حديث النبي الله عليه وسلم القائل فيه: (مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ). [رواه مسلم].فأسأل الله الكريم سبحانه أن يطفأ ظمأ شوقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشربة من يده الشريفة لا نظمأ بعدها أبدا، اللهم بلغنا شفاعته، واحشرنا معه برحمتك يا أرحم الراحمين. كتبهأبوالحسن محمد كركدان